التعليق الرياضي على المباريات والأحداث الرياضية الأخرى لا يمكن فصله عن فنون العمل الإعلامي .. باعتباره يدخل في إطار واحد من الموهبة والعلم والإطلاع والخبرة والدراسة.. ولهذا تجد المحطات الفضائية المشهورة تُخضع أي معلق لدورات متعددة بهدف صقل معرفته وموهبته وتعليمه أصول المهنة ... قبل أن تطلق له العنان لاستلام المايكرفون والإنطلاق نحو التعليق ودخول منازلنا من دون استئذان .. وكثير من الزملاء المعلقين الكبار في الوطن العربي  مروا بتلك التجارب ولم يأت إبداعهم مصادفة أو بضربة حظ كما يخيل لبعض الناس .!!
 

لكن ما يحصل لدينا مختلف تمامًا ولا يدخل في هذا الإطار بدليل أنك تفاجأ بأصوات لمعلقين يبدوا من تجاربهم الضحلة أنهم لم يدخلوا غمار العمل في هذا المجال .. وفق الأصول وبعد خضوعهم لكل ألوان المعرفة والدراسات والدورات .. وكل ما يملكون هو الصوت المرتفع والعبارات غير المفهومة والصراخ عند أحداث بسيطة يخيل للمرء الذي لا يتابع بالمشاهدة ويكتفي بالسماع أنه أمام مباراة مثيرة في الدوريات الأوروبية المعروفة .. برغم أن كل المتابعين لمباريات الدوري المحلي يدركون أن مبارياتنا ليس فيها من الإثارة ما تحتاج من  المعلق القيام من مكانه أو الانفعال الزائد ومعها عبارات القتل والدمار والحب أو ما شابه ذلك ولا أدري كيف يستوي الحب مع الدمار..!!

على مدار الأيام القليلة الماضية تقلب علينا العديد من الزملاء المعلقين عبر شاشتنا الوطنية .. منهم من باتت لديهم أساليب واضحة وجميلة في السرد والمتابعة وإعطاء المعلومة الدقيقة والاتزان في قضية الانفعال عند إحراز الأهداف والحياد .. وبعضهم الآخر نكاد نؤكد بأنهم لم يسبق أن دخلوا غمار التجربة .. من خلال دورات متخصصة في هذا المجال أو تدريب .. بدليل ما نسمعه من مفردات ساذجة أو سطحية لا علاقة لها بألوان التعليق الرياضي الذي نسمعه من كبار المعلقين العرب .. ولا نود هنا أن نستشهد ببعض العبارات للدلالة على ما نقول لأن الهدف بالتأكيد هو التنبيه وليس التشهير أو الاحباط ..!!

نجزم بأننا وعلى مدار السنين الطوال الماضية اننا وقفنا على إبداعات فرسان التعليق الرياضي العربي المميزين .. عصام الشوالي ورؤوف خليف والبلوشي وفارس عوض والكعبي والحربي وعلي محمد علي وغيرهم .. ممن يعد الاستماع لهم يشكل متعة ومعرفة .. وهم الذين مزجوا الموهبة بالثقافة والخبرة والتدريب .. فباتوا يشكلون بحق مدارس في التعليق الرياضي الممتع والمثير والمنعش لاسماع المشاهدين في كل الوطن العربي .. أين منهم جيل اليوم من المعلقين الرياضيين الذين نود ان لا يقلدونهم بقدر ما يستفيدوا من خبراتهم واساليبهم في التعليق .!!

نتمنى هنا أن لا يكون الهدف خلق جيل جديد من المعلقين والدفع  بهم إلى الساحة دون غطاء من الموهبة والمعرفة والتدريب لاكتساب الخبرة لأن أذواق الناس يجب أن لا تخضع لامتحان عند كل مباراة !!

نقلاً عن صحيفة الأنباط الأردنية