ليس من قبيل الاستفزاز إذا ذكرنا أن الجماهير العربية، إلا من رحم ربي، لا تجري إلا خلف الأخبار والمباريات المتعلقة بكرة القدم ونجومها سواء على الصعيد المحلي أو بشكل أكبر على المستوى العالمي، وأن ذلك راح ينسحب تدريجيا على وسائل الإعلام العربية التي تفتقر للتنوع في تغطية الأحداث الرياضية، أو أنها تقوم بذلك من باب "رفع العتب".
وتقف أمام بوابة الأحداث الرياضية العالمية خلال ساعات قليلة مشاهد افتتاح بطولة فرنسا المفتوحة للتنس على ملاعب رولان غاروس العريقة، ثاني بطولات الجراند سلام الكبرى بكرة المضرب للموسم الحالي 2011، ورغم ذلك تتفق غالبية وسائل الإعلام العربية على تأجيل الاهتمام حتى اللحظة الأخيرة عندما تبدأ البطولة، والتي تنقل أخبارها أصلا على عدد محدود جدا من القنوات والصحف والمواقع الالكترونية، ناهيك عن البث التلفزيوني للمباريات نفسها.
ويتساءل كثيرون عن سر اختفاء اهتمام المشجعين العرب لمباريات كرة المضرب، ولا يتفجر هذا الاهتمام سوى لمباريات محددة وغالبا ما تكون نهائية وطرفها الاسباني رافائيل نادال أو السويسري روجيه فيدرر، وحبذا لو كانت المباراة بينهما، فضلا عن دخول الصربي نوفاك ديوكوفيتش حديثا على الخط، في حين أن بطولات التنس وكما تقول الأرقام تحظى بمتابعة كبيرة جدا في الدول المختلفة خارج نطاق الوطن العربي سواء في أوروبا والأميركيتين أو شرق آسيا واستراليا.
ويقول قائل أن قلة الممارسين للعبة التنس في الوطن العربي هو ما يجعل هذه الرياضة بعيدة عن الاهتمام الإعلامي، بيد أن الأرقام تقول أيضا أن عدد الممارسين للتنس من العرب كبير جدا، وأنها تأتي في المرتبة الخامسة بعد كرة القدم وألعاب القوى وفنون القتال والسباحة.
ويتحدث آخرون عن حداثة عهد الجماهير العربية ومعرفتهم بهذه الرياضة، غير أن هذه المعلومة عارية تماما عن الصحة خصوصا وأنها دخلت إلى كثير من الدول العربية قبل أكثر من نصف قرن وخصوصا بلاد الشام ومصر والمغرب العربي، وأن بطولات التنس كانت تحظى باهتمام منقطع النظير في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، هذا فضلا عن إبداع دول عربية خليجية مثل الإمارات وقطر في تنظيم بطولات الصف الأول على المستوى العالمي والمدرجة ضمن أجندة الاتحاد الدولي للتنس.
وما يثبت الإطلاع الكامل للمشجع العربي على فنون لعبة التنس هو معرفته الواسعة بنجوم هذه اللعبة ونجماتها، القدامى والجدد، وحرصه على انتقاء مشاهدة أو متابعة أخبار مباريات معينة ومحددة فقط، وهو ما يؤكده عدد زوار "يوروسبورت عربية" في مناسبات مسجلة.
وفي ظل ما ذكر فإن الحقيقة الواضحة هي أن لعبة التنس تحتل مكانة مهمة في أجندة المشجعين العرب، بيد أن وسائل الإعلام العربية بحاجة لتوسيع دائرة الاهتمام بغير كرة القدم وتنويع أساليب التغطية التي أصبحت مملة ورتيبة في الفترة الأخيرة، وربما تكون رولان غاروس فرصة جديدة لعودة الاهتمام الإعلامي والجماهير بالكرة الصفراء في الوطن العربي.
يورو سبورت
