التاريخ : 2018-06-02
عندما يكون الزواج عدو الرياضة النسائية
ريان الجدعاني
كانت الساعات الأخيرة من نهاية عام 2017 ساعات مأساوية بالنسبة لرئيس اتحاد كروي بإحدى الدول العربية، عندما أعلنت أهم لاعبات كرة القدم خبر اعتزالها الكرة اضطرارياً بسبب دخولها القفص الذهبي، ليصبح هذا الإعلان أشبه بقنبلة انفجرت بوجه الرئيس في ليلة رأس السنة، قنبلة لم يتمكن الرئيس من تفكيكها لأنها أتت على طاولة مكتبه دون سابق إنذار.
لماذا تحول هذا الخبر الجميل إلى قنبلة؟، لأن الرئيس أنصدم من اعتراف اللاعبة "المتأخر" بعدم نجاحها في إقناع خطيبها وعائلته بفكرة استمرارها اللعب بعد الزواج، لتكون مضطرة على ترك منتخبها الوطني وهي لم تتجاوز السن 22، وليكون الاتحاد الكروي أكبر ضحايا هذا القرار والذي تسبب في فقدان الكرة النسائية في البلاد أهم لاعبة يمكن أن تحقق النجاحات لمنتخبها الوطني في البطولات القارية.
لا تزال اتحادات كرة القدم العربية، وأيضاً اتحادات مختلف الألعاب، تواجه أزمة "زواج اللاعبات" والتي أجبرت الاتحادات على فقدان الكثير من الموهوبات في سن مبكر، بعكس اللاعبين الذكور الذين يتمكنون من استمرار مزاولة كرة القدم بعد زواجهم، حيث يعود السبب إلى عقلية وثقافة المجتمعات العربية، وتحديداً ثقافة أغلب الرجال، الذين يرفضون فكرة استمرار شريكة حياتهم في لعب كرة القدم والرياضة بشكل عام.
أتعاطف كثيراً مع اللاعبات العربيات اللاتي قررن تأخير الزواج إلى ما بعد اعتزالهن الاحتراف الرياضي من أجل تحقيق أحلامهن في حصد الألقاب الإقليمية والعالمية، ولا يرغبن في تضحية أحلامهن مع رجال لا يزالون يتمسكون بثقافة "المرأة مكانها البيت والمطبخ!". فقد أصبحت المرأة في هذا الزمن مختلفة كلياً عن نساء الخمسينات والستينات، بحيث لم يعدن يرغبن في البقاء على الهامش، وسبق أن أخبرتني إحدى لاعبات كرة القدم بأنها لم تعد تقبل بأن تكون تحت خيار (أتركِ كرة القدم لأتزوجك) كزميلتها المسكينة، بل تريد هي من تحدد قواعد اللعبة عبر تحديد خيارها للرجل مفاده.. (أنا لاعبة كرة قدم، أنت حدد مصيرك!). بالتأكيد سأضع اللوم على مجتمعنا العربي، تحديداً زملائي الرجال، لاستمرارهم في التعامل مع المرأة بأسلوب الستينات من القرن الماضي، ولكن أيضاً ألوم الاتحادات الرياضية التي لا تعمل بشكل جاد لحماية لاعباته من أزمة الاعتزال الاضطراري للزواج، فمن المهم أن تعمل الاتحادات جاهدة لمنع اعتزال اللاعبات بعدة أساليب، منها رفع وعي الرجال بجعلهم يؤمنون بأن الرياضة مهمة في حياة المرأة وأيضاً في حياة البشر بشكل عام. والأهم من ذلك أن يشعر رؤساء الاتحادات الرياضية بأن ابتعاد اللاعبات عن الرياضة اضطرارياً يعتبر خذلان لرياضة الوطن، فالاتحادات وأيضاً المجتمع وثقافته يتحملون كامل المسؤولية في ضعف مستوى المنتخبات العربية في البطولات الدولية بسبب تسرب المواهب وعدم قدرتها على الاستمرار. فالاتحادات الرياضية التي تتابع حياة ومشاكل وهموم اللاعبات بشكل مستمر ستكون قادرة على حل أزمة زواج اللاعبات بوقت مبكر، بعكس ذلك الرئيس الذي تفاجأ بانفجار قنبلة رأس السنة دون سابق إنذار، لأنه لم يكن يعلم بأن لاعبته تعاني من شروط خطيبها القاسية منذ أكثر من 6 أشهر! ختاماً،، لا يمكن لرياضة الوطن أن تنمو وتسير بخطى واثقة بقدم واحدة، الرجال فقط، بل تسير بثبات وأكثر ثقة بقدمين، فالنساء والرجال شركاء في نمو رياضة الوطن وجعلها رياضة ناجحة إقليمياً ودولياً. عدد المشاهدات : [ 9951 ]