التاريخ : 2018-05-16
مسلسل النفخ (بقربة مخزوقة) ..!
ما تزال منظومة الكرة الأردنية ، تنفخ (بقربة مخزوقة)، ونقصد بالمنظومة، الإتحاد والأندية وروابط الجماهير، فهي ومنذ سنوات لم تنجح في ايجاد الحل الذي يكفل لها رأب صداع (الشغب اللفظي) في بعض المباريات، ليبقى الجدل قائماً بلا توقف.
ولم يجد المعنيون بكرة القدم، طريقة للقضاء أو الحد من (حادثة) الشغب اللفظي، إلا بحرمان الجمهور المسيء من حضور بعض المباريات، والحرمان ليس حلاً بكل الأحوال.
وبقرار الحرمان، فإن اتحاد كرة القدم يتعامل مع الصالح والطالح، بذات العقاب، فتأتي العقوبة جماعية وظالمة كونها شملت كل الجماهير، لذلك يقابل قرار الحرمان دائماً، بالاستياء والامتعاض... وربما (المغص).
ومخطىء من يظن منذ سنوات طويلة، بأن هناك فئة مندسة، هي التي تشتم، ولا بد من القضاء عليها، ذلك أن هذه الفئة وحتى يومنا هذا، ما تزال مجهولة الهوية.ولو كانت حقاً هي فئة مندسة -كما أشاع بعض المسؤولين- ، لما وصلنا صوت الشتائم، ونحن نجلس في بيوتنا خلف الشاشات لمتابعة المباراة.ونستطرد ها هنا، كيف يصل صوت الشتائم، إلى بيوتنا، أليس من باب أولى أن يتم عزل هتافات الجماهير عندما تخرج عن النص، حتى لا تصل هذه الشتائم لكل من يتابع المباراة تلفزيونيا في بيته، وهذا أضعف الإيمان.علينا أن نتفق قبل كل شيء، بأن (حادثة) الشغب اللفظي ليست محصورة بفئة مندسة، والأدق القول أنها (حادثة) محصورة في بعض المباريات الحاسمة والجماهيرية، ولهذا فإن العقوبات المالية وتغليظها، قد يكون قراراً كافياً في حال استعصت الحلول.ويأتي الحديث عن هذه القضية، بعدما اتخذت اللجنة التأديبية للاتحاد قبل أيام قراراً بحرمان جماهير الفيصلي من حضور مباراة فريقها أمام شباب الأردن التي أقيمت في الجولة (15) لبطولة الدوري، وحرمان جماهير الوحدات من حضور مباراة فريقها أمام الرمثا في الجولة (16).وجاءت العقوبة، في توقيت صعب للغاية، فمواجهة الوحدات والرمثا، تعتبر أحد أهم مواجهات البطولة، فهي تجمع المتصدر مع مطارده، والعيون ستكون شاخصة تجاه هذه المواجهة، نظراً لتأثير نتيجتها على حظوظ المنافسة على اللقب.ليس من المعقول ، والمباريات تبث فضائياً ، أن تقام مباراة بهذا الحجم وهذه الاهمية وما تحظى به من متابعة كبيرة، بدون جمهور، فالجماهير تبقى فاكهة الملاعب ومرآة كرة القدم للعالم، وبهذا القرار، نحن نسيء إلى أنفسنا من حيث لا ندري ، عبر الترويج للعالم الخارجي، بأن هذه المباراة أقيمت بدون جمهور، بسبب الشتائم .. فنُظهر جماهيرنا بصورة سوداوية أمام العالم.إن ابتليم فاستتروا، لذلك يجب أن تكون معالجة هذه (الحادثة)، في أطر بعيدة عن أنظار العالم الخارجي، وبحيث لا نسيء لجماهيرنا ولكرتنا حتى وإن أساءت، وأن لا نعتمد على القرار الأسهل (الحرمان)، فلا بد من التشاور والتفكير الجاد للحد من هذه (الحادثة)، لأن التغلب عليها سيكون نسبياً، ومن الاستحالة القضاء عليها كاملاً -وإن كنا نتمنى ذلك-، لكن لا أحد يعلم مسبقا، بماذا سينطق به المتفرج -في لحظة عصبية-، وهو يجلس على المدرجات، فلكل متفرج ثقافته وقيمه.والإساءة اللفظية تحدث في كثير من ملاعب العالم، ولم نسمع أنه تم حرمان جماهير لهذا السبب، ولنحمد الله بأن "شغبنا" لم يصل لمرحلة العنف، كما يحدث في بعض الدوريات العالمية، لذلك فإن حل هذه (الحادثة) من الخطأ بمكان أن يكون بالحرمان... وهو أقسى عقوبة قد تتعرض لها جماهير كرة القدم في العالم.ولا نبرر هنا (حادثة) الشغب اللفظي بحال من الأحوال، إلا أننا نسلط الضوء على أهمية الاسراع في ايجاد الحلول بطرق مدروسة، والحد من هذه الظاهرة التي تسيء لمجتمعنا.ولا نعرف حقيقة إن كان القائمون على كرة القدم الأردنية، قد تساءلوا في أنفسهم ولو لمرة واحدة، هل عقوبة حرمان الجماهير التي اتخذت أكثر من مرة في الموسم الماضي وأثارت جدلاً واسعاً، حملت الحلول ووأدت (حادثة) الشغب اللفظي أو حتى حدّت منها؟، إن كانت الإجابة بنعم، فلماذا إذن عادت وتكررت في الموسم الحالي؟، التفسير بسيط، لأن "الحرمان" لم يكن يوماً هو الحل، بل هو مجرد محاولة بائسة.ونتساءل، ألم يوقن القائمون على منظومة الكرة الأردنية، أن قرار حرمان الجماهير كان له ردود فعل عكسية سلبية، فكلنا يتذّكّر كيف قامت الجماهير بمقاطعة مباريات المنتخب الأردني كنوع من الرد على قرارات الحرمان؟، وألا يؤثر قرار الحرمان على الناحية التسويقية لهذه الرياضة؟.نعتقد بأن الاقتراحات لايجاد الحلول متوفرة، إن فكرنا بجدية أكثر وعمق أكبر وتحاورنا بمسؤولية ، فالشتائم محصورة بفترات، وفي بعض المباريات فقط.ولو كان اتحاد الكرة مصراً على قرار الحرمان بدليل العودة إليه، فليكن الحرمان نسبياً، كأن تخفض نسبة حضور الجمهور المسيء في مباراة فريقه من (75%)، إلى (40%) ولمباراتين بيتيتين متتاليتين مثلاً، وبهذه الطريقة نضمن -على الأقل- وجود الجماهير في الملعب، (الريحة ولا العدم).ونتساءل أيضاً، أين جائزة الجمهور المثالي، وأين الحملات التوعوية للجماهير، وماذا أعددنا لهم من سبل الراحة عند الدخول والخروج من الملعب، ومن يحاسب بعض مسؤولي الأندية على استفزازهم للجماهير قبل أي مباراة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن يعرف ما مصير الكاميرات التي تم تركيبها في أرجاء الملعب كاملة، بعدما تم التأكيد تكراراً ومراراً، أن الغاية منها رصد من يشتمون ومعاقبتهم بعدم دخول الملاعب، بحيث يأخذ كل من يشتم عقابه الذي يستحقه.أصبح لزاماً، البحث عن حلول منطقية وواقعية، بل علينا قبل ذلك أن نكف عن الهروب بالتستر على عجزنا خلف قرار (الحرمان)، والإعتقاد بأنه الحل الوحيد، ولا بد أن نقتنع بأن لا قيمة لكرة قدم، بلا جمهور.. فلنحترم شعبية اللعبة ومحبيها.وأخيراً، تقصدتُ وضع كلمة (حادثة) بين قوسين في هذا المقال، لإيماني العميق، أن الشغب اللفظي لدينا لم يصل لمفهوم (الظاهرة)، ولله الحمد. عدد المشاهدات : [ 9250 ]