الميدان - فوزي حسونه  
حزم الوحدات أمتعته، وغادر الإمارات، بعدما تبخر حلمه في أن يكون أول فريق أردني يحظى بشرف المشاركة في دوري أبطال آسيا لكرة القدم.

وتفاءلت جماهيره خيراً، عندما وجدت القدرة بفريقها على تحقيق الحلم، ولا سيما أن فريق الوحدات ومسيرته الطويلة تفتقد لأثر يدخلها التاريخ الآسيوي، أسوة بفريقي الفيصلي وشباب الأردن اللذان توّجا في سنوات خلت بلقب كأس الإتحاد الآسيوي.

وجاء التفاؤل الجماهيري بعدما تمكن الفريق من اجتياز عقبة بنجالورو الهندي وصيف كأس الإتحاد الآسيوي بالنسخة الماضية، وبنتيجة "2-1"، فضلاً عن التصاعد الملحوظ الذي أصاب أداء ونتائج الفريق بالفترة الماضية والتي سبقت خوض الدورين التمهيدين الأول والثاني للعبور لدوري الأبطال، ودون أن نغفل أيضاً عن مراهنتها (أي الجماهير) على قدرة المدرب عدنان حمد في إدارة المباراة.

لكن جميع الأسباب التي استدعت هذا التفاؤل سرعان ما كانت تتلاشى أمام الواقع الصعب، فشباك الوحدات تلقفت هدف السبق أمام الوحدة بالدقيقة الأولى، وانتظرت الجماهيرالعاشقة بعد ذلك ردة الفعل ، لكن الوحدات ظهر بلا حول ولا قوة، فكان الخروج مستحقاً.. بعدما ظهرت الفوارق واضحة.

ولنفترض جدلاً هنا ، بأن الوحدات تأهل فعلاً لدوري الأبطال، السؤال الذي يقفز إلى الأذهان، هل حقاً سينافس الوحدات ويذهب بعيداً في بطولة تنفق فيها الفرق المشاركة بالموسم الواحد أضعاف ما تنفقه الفرق الأردنية في خمس سنوات؟ الإجابة : قطعاً لا، بل أن الفرق الأردنية حال كتبت لها المشاركة ستكون مرشحة للخروج بخسائر قاسية وفاضحة، ولا نقول ذلك من باب التشاؤم ، ولكنها الحقيقة المُرة التي يجب أن تقال في زمن "التطبيل والتزمير"، ومحاولات تغطية الحقائق بغربال!.

هنالك من يقول بأن تأهل الوحدات أو أي فريق أردني لدوري الأبطال، سيعود بفوائد جمّة على الكرة الأردنية واللاعبون أنفسهم سيكتسبون الخبرة، وهو قول سديد، لكن الخسائر الثقيلة  التي سيخرج بها، ستعود بأضرار نفسية ومعنوية على الفريق واللاعبين تفوق بكثير ما سيتحقق من فوائد، لذلك نجد بأن المشاركة بدوري الأبطال لا تعد مجدية للفرق الأردنية قياساً مع الواقع المرير الذي تعيشه في الزمن الحالي، ولا نقول ذلك لمواساة الكرة الأردنية ، وإنما هو اعتراف صادق بحقيقة قدراتها.

المشاركة الأردنية في دوري الأبطال ذات منطق أعوج، فما الفائدة من المشاركة في بطولة يبدو فيها التأهل من دور إلى دور أشبه بالمستحيل، ولن نقترب من سيرة المنافسة على اللقب، لأن الفرق الأردنية بحاجة لسنوات طويلة من العمل حتى تبدأ تفكر بالمنافسة على اللقب.

الفرق الأردنية غير مقنعة فنياً في دوري بلادها، وحتى جماهيرها تبصم على ذلك بالنظر للتراجع المخيف الذي تعيشه الكرة الأردنية سواء على صعيد المنتخب والأندية أو حتى على صعيد المواهب، فاللاعبون المميزون لا يتجاوزن أصابع اليد، ومزاجية الإدارات تتواصل، مدرب راحل، وآخر قادم، حتى أصبحنا لا نحفظ أسماء مدربي بعض الفرق من كثرة ما أصاب الأجهزة الفنية من تغييرات.

ونتساءل، هل يعلم من يجد أن الكرة الأردنية تستحق التواجد بدوري الأبطال، بأن الغالبية العظمى من الأندية الأردنية غير قادرة على صرف رواتب لاعبيها في المواعيد المحددة، علماً أن مجمل ما تدفعه من رواتب في الشهر الواحد لا يتجاوز الـ70 ألف دولار.

 وهل يعلم المطالبون، بأن اللقاءات الودية التي تخوضها الفرق استعداداً لأي بطولة، تقام على ملاعب بلا مدرجات، وهي ملاعب تدريبية بالكاد تصلح لتقام عليها مباريات دوريات المدارس، وهل يعلم المطالبون بأحقية الكرة الأردنية بالتواجد في دوري الأبطال، بأن المسابقات المحلية في بلادنا تقام على طريقة "سلق البيض"!.

إن الدخول في معركة خاسرة مسبقاً وغير متكافئة، سيلحق ضرراً مخيفاً، فالمشاركة والمنافسة، لم تكن يوماً مجرد فزعة أو طموح وحلم وتصريحات محفزة ووعود، بقدر ما هي تخطيط وإعداد وامكانات بلا حدود.

الكرة الأردنية وقبل أن تفكر بحلم الوصول لدوري الأبطال والمنافسة فيها، وجب عليها أولاً أن تعد نفسها جيداً قبل الدخول في هذه المعركة، لتقف أمام الفرق المشاركة الند بالند، فزمن المشاركة من أجل المشاركة ، أكل عليه الدهر وشرب.

لذلك كله، على الكرة الأردنية أن لا تستعجل كثيراً في رسم أحلامها بالظهور في دوري الأبطال، وعليها أن تكف عن مواصلة وضع العربة أمام الحصان، وتتخلى عن المنطق الأعوج.

تحقيق الأحلام والأمنيات لا يتحقق بدعاء الوالدين، وإنما بحاجة لقاعدة صلبة تضمن تحقيقها بحيث تقوم على وضع استراتيجية شاملة وطويلة الأمد تتضمن العمل الفعلي على تطبيق نظام الإحتراف بمفهومه الشامل، ويتخللها قيام الحكومة بتوفير الدعم اللازم للأندية وبما يجعلها قادرة على مواكبة قدرات الفرق الآسيوية المشاركة بدوري الأبطال، وبغير ذلك، فإن المشاركة بكأس الإتحاد الآسيوي ستبقى الأنسب للفرق الأردنية.