يثبت عامر شفيع قائد منتخب الأردن ولاعب فريق الوحدات لكرة القدم، بأنه حارس مرمى ليس له مثيل، وعملة نادرة يصعب تكرارها في ملاعب كرة القدم الأردنية والعربية والآسيوية، فهو لم يكتف بأن يكون نصف فريقه وإنما كان في عديد من المباريات المهمة يساوي فريقاً بأكمله، وبذلك كسر مقولة أن الحارس المتألق قد يكون نصف فريقه.

ولعل التألق والبراعة ، والدهاء والشجاعة، في التصدي للمحاولات الهجومية لمنتخب قيرغستان في المباراة الأخيرة لمنتخب الأردن بالتصفيات المؤهلة لكأس آسيا وكأس العالم وتصديه لأربعة أهداف محققة، يبرهن -وبما لا يدعو مجالاً للشك - بأن شفيع هو أشبه بحكاية مدهشة وأسطورة يجب أن تؤرخ بكتب الأساطير الكروية.

وقامت جماهير كرة القدم الأردنية بنشر صور عامر شفيع على المنتديات الرياضية و "فيسبوك" مبدية اعجابها حد الدهشة بما قدمه أمام منتخب قيرغستان، وهنالك من ذهب إلى أن شفيع هو الذي تعادل مع منتخب قيرغستان وليس منتخب الأردن، كإشارة إلى أن شفيع تصدى بمفرده لكافة الأطماع القيرغستانية.

وشفيع الذي يعتبر أكثر لاعب أردني يخوض المباريات الدولية حيث وصل للمباراة رقم "156"، يمتلك مواصفات فريدة متنوعة ومذهلة قد لا تتواجد مجتمعة بأي حارس مرمى، ليس في الأردن فحسب وإنما على مستوى قارة آسيا، فهو يمتلك البنية الجسدية المثالية لحراسة المرمى ويتحلى بالتركيز الذهني العالي ويمتلك ردة فعل أشبه بالخداع البصري، بلحظة تجده يقف يسارا وبأقل من ثانية تجده في أقصى اليمين، فضلاً عن أنه يمتاز بإنقضاضه المرعب على المهاجمين وتخليص الكرات منهم ، حتى أنك تحسبه في عديد من المرات بأنه يشغل مركزي الدفاع وحراسة المرمى في آن واحد.

ولا تنسى جماهير كرة القدم الأردنية المواقف الراسخة التي جسدها شفيع على امتداد مسيرته الكروية في عديد من المباريات الدولية، حيث دائماً ما يكون صاحب اليد الطولى بما حققه منتخب الأردن في سنوات خلت ، ولعل الجميع يتذكر مباراة الأردن واليابان بعمان وكيف أن شفيع حافظ بفضل براعته وتألقه المتواصل على تقدم منتخب الأردن حتى النهاية 2-1 إثر تصديه لضربة جزاء، ليساهم في تسجيل فوز تاريخ للأردن على اليابان ، وهو الفوز الذي سيبقى محفوراً في ذاكرة كل الأردنيين.

وشفيع الذي يلقب ب "حوت آسيا" وبالنظر إلى امكاناته، قد نال إعجاب الكثيرين من المعلقين العرب المشهورين على مباريات المنتخب حيث طالما تغنوا بتألقه وبراعته، وهنالك من ذهب إلى أن شفيع كان بإمكانه الإحتراف في أوروبا ومع أفضل الفرق، لو أتيحت له الفرصة ولو أنه وجد الترويج الإعلامي الذي يستحقه كحارس مرمى أردني فذ .

وأكد شفيع بأنه تأثر بحارس المرمى الدنماركي بيتر شمايكل، وأشار إلى أن الصدفة وحدها هي من قادته لحراسة المرمى عندما تعرض أحد حراس فريق اليرموك للإصابة بيده فوقع الإختيار على شفيع ليشغل هذا المركز رغم أنه كان لاعب خط وسط، فكانت هذه الصدفة "أجمل صدفة" في حياة "الحوت" وعشاق الكرة الأردنية قاطبة.

والمتتبع لمسيرة شفيع يجد بأن هذا الحارس يهتم بنفسه حيث يواظب على حضور التدريبات ويسعى دائماً بأن يكون في قمة تركيزه وبكافة اللقاءات التي يلعبها حتى لو كانت تدريبية، وهو بالمناسبة يمتاز بدقة تمرير الكرات للمهاجمين وسبق وأن صنع هدفاً لمنتخب الأردن في مرمى سوريا والذي سجله عدي الصيفي في نهائيات آسيا التي أقيمت في العاصمة القطرية الدوحة 2011، حيث لمحه عندما أمسك بالكرة ليلعب كرة من فوق الجميع وضعت الصيفي بمواجهة المرمى السوري.

ولأن شفيع يعشق حراسة المرمى كمن لم يعشقه أحد من قبله، يتوقع أن يعمر طويلاً في ملاعب كرة القدم الأردنية، فهو يبلغ حالياً من العمر "33" عاماً، وفي كل مباراة تجده بأنه حارس مرمى يبحث عن إثبات الذات فمنذ بروزه مع منتخب الأردن بعهد المرحوم محمود الجوهري وهو الحارس الأول لمنتخب النشامى بفضل مستواه الفني الثابت، فبنيته الجسدية تجعله أكثر قدرة من غيره على تحمل الإصابات والتخلص منها وهو جانب مهم يعزز من فرصة شفيع للعب لنحو 5 سنوات قادمة.

وتتساءل جماهير الكرة الأردنية، ماذا سيحل بمنتخب الأردن في حال توقفت مسيرة شفيع في الملاعب الأردنية، حيث تبدو الإجابة حائرة، فشفيع أسطورة كروية لن تتكر وتستحق كل التقدير، وما لنا في الختام سوى القول: "دقوا على الخشب".