كتب - عبدالحافظ الهروط 

بإستثناء نجوم كانت لهم ظروفهم، إن لم نقل: لسوء حظهم، لم يأتوا للبرازيل، فإن المنتخبات التي تأهلت الى كأس العالم 2014، جاءت بقضها وقضيضها، أكثرها لتثبت وجودها في المونديال، ومنها حضرت وعينها على اللقب الذي كان يحمله الأسبان.
الإصابات اللعينة كانت وراء إبعاد نجوم لهم وزنهم في الملاعب، فغاب الفرنسي ريبيري، والكولولمبي فلكاو، والألماني جوندوجان والهولنديان وستروتمان ورافييل والمكسيكي فوتيس والتشيلي فرنانديز، ومنهم من استبعد  لقرار اتخذه المدير الفني، كان على رؤوسهم لاعبون برازيليون، إرتأى البرازيلي سكولاري بحماقته أن لا يكونوا من ضمن التشكيلة التي «سودّت وجه» الكرة البرازيلية ، ليظل أهل البن في «نواح» وكأن البطولة غدت مأتماً.
نقول: حماقة سكولاري، لا لأن المنتخب البرازيلي لم يضف النجمة السادسة ويترك أقرب منافسيه المنتخب الألماني ينتظر ثلاث دورات، أو اثني عشر عاماً ليلحق به، ولا لأن أبناء سكولاري لم يقدّموا الوجه الحقيقي للعبة التي تعيش مع مشربهم ومأكلهم، وإنما لأن المنتخب تلقى ضربتين موجعتين، كانتا بمثابة تخليه عن كبريائه، ليصدق فيه القول: «إرحموا عزيز قوم ذّل».
ولكن من النجوم من حضر الى البطولة إلا  أنه غاب عن المشهد، فكان في طليعتهم نجوم إسبانيا وعلى رأس هؤلاء، أنييستا، فغادر «الرَبع» من الدور الأول، عائدين الى ديارهم، بعدما وجه لهم الهولنديون صفعة، أفقدتهم البقاء.
«رَبع» آخرون لحقوا بهم، هم البرتغاليون بقيادة رونالدو الذي حضر فكان «الحاضر الغائب»، لا من حيث عدم نقل منتخب بلاده الى ادوار متقدمة، ولا من حيث منافسة النجوم وتسجيل الأهداف، ولكن لأنه كابر على نفسه بالمشاركة وهو غير جاهز، فكأن لسان حاله يقول: ليتنا لم نتأهل.
من «لم يكن ع البال»، وقد خطف الأضواء، وتربع على قائمة الهدافين (6 أهداف)، كان نجم كولومبيا الشاب جميس رودريجيز، فقد صفق له المشاهدون والمعجبون وهو يقود منتخب بلاده من فوز الى لآخر، وينتقل الى ادوار متقدمة، ولعل اختيار هدفه في مرمى الأوروجواي الذي وصف بأجمل هدف في البطولة من بين 10أهداف اختيرت، مثلما كسب تعاطف الجميع وهو يذرف الدمع عقب مباراة كولومبيا والبرازيل.
ولكن قبله كان نجم الأوروجواي الأول سواريز يغادر بعقوبة «فيفا» قبل أن يواصل هواياته بالتسجيل، وإن ترك زملاءه يواصلون في المنتخب محطة أخرى، بعدما اجتازوا إيطاليا للإنتقال الى دور الثمانية.
حضور سواريز الى المونديال تجلى بهدفيه في المرمى الإنجليزي، ولكن غيابه كان رغم انفه، لأن «عضته» للاعب ايطالي كانت كفيلة بأن تجعله يعود الى مسقط رأسه، دون أن يحقق مبتغاه.
ولكن ما كان مؤثراً في غياب المصابين عن مشاركة منتخباتهم، كان أكثر تأثيراً، غياب النجوم أثناء مباريات مهمة، فقد غاب النجم البرازيلي نيمار لإصابة تعرض لها في مباراة البرازيل وكولومبيا، وهي المباراة التي شهدت تأهل «المنظمين» وغياب مدافعهم سيلفا بسبب سخافته بنيل الإنذار الثاني، فكانت النتيجة غياب هذا الثنائي عن ما تبقى من مشاهد لاحقة، وعندما نقول غيابهما، فإن مشاركة سيلفا في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع مع هولندا، كانت مشاركة سيئة لهذا اللاعب، فهو وإن حضر، إلا أنه تسبب بركلة جزاء، فكانت السقطة الثانية التي ارتكبها، وكشفت وهن الخط الدفاعي البرازيلي، الذي ظل اشبه بخيط العنكبوت.
ألمانيا والإرجنتين كانتا أيضاً تعاني من إصابات النجوم، ولكن بمستويات متفاوتة، فإذا كان المنتخب الإرجنتيني خسر جهود نجمه المتألق دي ماريا في مباراتين مهمتين، منهما المباراة النهائية، فإن المنتخب الألماني لم يكن قد تبقى عليه سوى ساعتين للتتويج، حتى أبت اصابة طارئة، عند عملية الإحماء، إلا أن تحرم المنتخب والنجم سامي خضيرة من المشاركة في المباراة، ومع ذلك، فإن المانيا أكدت أن المصابين من أفراد كتيبتها، سواء قبل خوض البطولة أو قبل المباراة أو خلالها، لن يؤثروا على مسيرة المنتخب ومعنويات عناصره، ففازت بالبطولة عن استحقاق.
نعم، هذا ما نريد أن نستخلصه من دروس كأس العالم، فالمنتخبات التي جاءت وهي تعول على بعض نجومها، فقد أخفقت جميعها بالوصول الى اللحظة التي تحمل فيها الكأس، وإلا لماذا فازت المانيا؟
ولماذا لم تصل البرازيل الى النهائي، ومن أبعدتها هولندا، ومن أبعدت الأخيرة، ونقصد بها الإرجنتين لتفوز بالبطولة، وهو السؤال المهم: لماذا لم يجلب ميسي الكأس، ولماذا لم يظهر بالنجم «المطلق» ويسترد «عرش مارادونا» الذي يسير على خطاه، كما يقول عشاق كرة القدم، مع أن ميسي أمامه فرصة أُخرى، هي كأس 2018 في روسيا، وربما لا تتكرر فرصة «ماراكانا» الى أن يعتزل النجم الإرجنتيني المدلل.
البطولة قد تأتي بها قدم نجم بعض الوقت، ولكن المنتخب هو الذي يأتي بالبطولات، ونعتقد أن عهد بيليه ومارادونا، ولّى الى غير رجعة، وإلا، من الذي فاز بكأس البرازيل 2014 ؟!.