التاريخ : 2017-11-25
نظرة فنية تفصيلية على عمل فالفيردي المميز مع برشلونة هذا الموسم
بعد انطلاقة محبطة لمسيرته التدريبية مع برشلونة من خلال خسارة كأس السوبر المحلية لمصلحة الغريم ريال مدريد بعد عرضين مذهلين من جانب كبير العاصمة الإسبانية ذهاباً وإياباً، ربما لم يتوقع إرنستو فالفيردي أن يحقق كل هذه النجاحات مع البلوجرانا ونحن على مشارف إنهاء الثُلث الأول من الموسم !.
البرسا لم يذل طعم الخسارة حتى الآن في 12 مباراة في الدوري و5 مباريات في دوري أبطال أوروبا رغم مواجهة بعض الفرق الكبيرة والمهمة مثل أتلتيكو مدريد ويوفنتوس، وليس هذا فحسب، بل إن الكتلان لم يخسروا سوى نقطتين فقط من أصل 36 نقطة في لا ليجا حتى الآن، ليجدوا أنفسهم على مسافة 10 نقاط كاملة عن حامل اللقب والمنافس الأزلي، ريال مدريد.
شخصياً أرى أن مشروع فالفيردي “مُبهر” حتى الآن رغم الانتقادات التي توجه للمدرب الإسباني من قبل البعض والتي تستند إلى أسلوب اللعب “الممل” والدفاعي نوعاً ما، ولكن إذا نظرنا إلى المعطيات والأدوات التي يملكها فالفيردي، سنجد أن هذا الكلام لا محل له من الإعراب تماماً !.
لماذا؟ .. لأننا نتحدث عن فريق أنهى الموسم الماضي وهو في حالة سيئة للغاية، فريق يعاني أيما معاناة خصوصاً في خط الوسط، فريق بلا هوية، بلا لمسة مدرب، لا تشعر أبداً بوجود مدير فني خارج الخطوط قادر على تغيير الأوضاع وترجيح كفة فريقه في الأوقات الصعبة !.
انتهى الموسم، ومنى عشاق برشلونة أنفسهم بعقد صفقات قوية في الصيف، خصوصاً بعد الأحاديث المتواصلة من جانب الصحافة عن رغبة البرسا في التعاقد مع نجوم من نوعية فيليب كوتينيو صانع ألعاب ليفربول، جان سيري لاعب وسط نيس، باولو ديبالا مهاجم يوفنتوس، وانتهى بهم الحال يشاهدون برشلونة يوقع مع سيميدو، ديلوفيو، ديمبيلي وباولينيو !.
ويا ليت الأمر انتهى سوءً عند هذا الحد، بل تعرض ديمبيلي سريعاً للإصابة، وليست أي إصابة، بل إصابة طويلة، تتطلب الغياب لثلاثة أشهر على الأقل عن تشكيلة البلوجرانا !.
ورغم كل ما سبق من معطيات تنبئ بمسيرة كارثية لبرشلونة هذا الموسم، بدد فالفيردي كل هذه المخاوف واستطاع أن يقود سفينة البرسا لبر الأمان حتى الآن.
إذا قمنا بنظرة تحليلية للأعمدة الرئيسية التي ارتكز عليها مشروع فالفيردي، سنجد أنها على النحو التالي:
1- الواقعية خير من المتعة !
في كرة القدم الحديثة، لم تعد المتعة هي فرس الرهان الرابح، بل حلت الواقعية محل المتعة كسلاح ناجع لتحقيق النتائج الإيجابية والإنجازات في السنوات القليلة الماضية، ولنا في ريال زيدان خير مثال على ذلك، فالميرينجي مع أسطورة الكرة الفرنسية حقق إنجازاً غير مسبوق بالتتويج بلقبين متتاليين لدوري أبطال أوروبا من خلال الواقعية فقط، فلم يلعب كرة ممتعة، بل اعتمد على خطط وأساليب معروفة ومحفوظة ومكررة واستطاع أن ينجح من خلالها !.
فالفيردي قدم لنا برشلونة بثوب مختلف، ثوب “الواقعية”، فلا يهم أن تستحوذ كثيراً، أن تظل تمرر وتمرر لتمتع الناظرين وتضر نفسك !، وحتى البعض صار يجد تيكي تاكا برشلونة مملة لأنها ليست إيجابية ولا ينتج عنها أهداف !.
2- ثبات التشكيل هو المفتاح
من أهم العوامل التي ساعدت على تحسن نتائج برشلونة الرائع هذا الموسم هو تثبيت التشكيل في معظم المباريات وعدم المداورة إلا في أضيق الحدود.
بيكيه وأومتيتي قلبا الدفاع الرئيسيين في تشكيلة إرنستو، ماسكيرانو هو البديل الأول ولا يوجد بديل ثانٍ إلا في حالة الضرورة القصوى مثل غياب بيكيه وماسكيرانو عن موقعة فالنسيا المقبلة، شخصياً لا أتفق مع مدرب بيلباو السابق في تهميش فيرمايلين لأنه لاعب يملك إمكانيات وخبرات طيبة للغاية ولكن هذه هي أفكار المدرب والتي نجح من خلالها حتى الآن.
جوردي ألبا هو اللاعب الأساسي في الظهير الأيسر، لوكاس ديني هو البديل عموماً، والأساسي في بعض المباريات التي يريد فيها فالفيردي الاعتماد على ظهير أيسر بنزعة دفاعية مثل معركة يوفنتوس الأخيرة.
نيلسون سيميدو هو اللاعب الأساسي في موقع الظهير الأيمن، سيرجي روبيرتو هو البديل وفيدال بديل الطوارئ بعدما لم يقنع فالفيردي في المباريات التي شغل فيها هذا المركز.
بوسكتس، راكيتيتش وإنييستا، ثلاثي لا يُمس في وسط ملعب برشلونة لخلق التوازن المطلوب، باولينيو البديل الأول وجوكر الوسط الذي يمكنه تقديم أدواراً دفاعية وهجومية مميزة، روبيرتو قد يتواجد أحياناً للاستفادة من سرعته وخفة حركته ومهاراته في المراوغة، دينيس أيضاً قد يشارك بفضل قدراته الهجومية، جوميز خيار متاح كذلك لقدرته على شغل مركز لاعب الوسط المحور وكذلك لاعب الوسط الأيمن والأيسر.
ميسي وسواريز ثنائي الهجوم، قد يلعبان بمفردهما في خطة 4/4/2 أو يتواجد معهما ديلوفيو أو ألكاسير وفقاً لمقتضيات المباراة، فإن احتاج فالفيردي لخلق عمق هجومي للبرسا، يدفع بألكاسير منذ البداية، وإن احتاج لجناح أيمن يقوم بأدوار تكتيكية، يعود من خلالها كثيراً للدفاع لمساعدة سيميدو على غلق الجبهة اليمنى الدفاعية، يعول على ديلوفيو.
3- معركة الوسط هي أم المعارك
لجأ كثيراً فالفيردي هذا الموسم لتطبيق طريقة 4/4/2 من أجل تكثيف منطقة وسط الملعب حتى يكون قادراً على التحكم بنسق المباراة، وهو أمر كان منطقياً للغاية من جانب الإسباني في ظل تقدم ثلاثي الوسط في السن نسبياً، وليس عيباً أن يتم تغيير الخطة الكلاسيكية للبرسا، فتثبيتها من الأساس كان لخدمة الكتلان، وعندما لا يكون تثبيتها في مصلحة البلوجرانا، فلابد من تغييرها !.
برشلونة خسر معركة الوسط مرات ومرات الموسم الماضي، ولكن هذا الأمر تغير تماماً هذا الموسم وظهر وسط البلوجرانا متماسكاً وقادراً على التنافس ومجاراة الخصم.
4- مقتضيات المباراة تفرض التشكيل والخطة الأنسب
لا يمكنك أن تتوقع تشكيلة برشلونة أو خطة اللعب في أي من مباريات هذا الموسم وهو أمر يُحسب كثيراً لفالفيردي، لأنه بالفعل، كل مباراة ولها ظروفها الخاصة ومقتضياتها، فما الفائدة مثلاً من وجود ميسي أساسياً في مباراة لا تحتاج فيها لأكثر من نقطة التعادل، في الوقت الذي تنتظرك مباراة صعبة وكبيرة خارج الأرض أمام أقرب ملاحقيك في جدول الترتيب ! .. الحديث عن مباراة يوفنتوس الأخيرة بالطبع.
الخلاصة .. فالفيردي نسف كل الأفكار المتعفنة في برشلونة واستطاع أن يكون الحاكم بأمره “بصورة إيجابية” في الفريق الكتلوني، ويُحسب للإدارة بطبيعة الحال دعم فالفيردي في كل قراراته وعدم التدخل في مسألة اختيار التشكيل وأسلوب اللعب.
عدد المشاهدات : [ 12059 ]