ظل المنتخب السعودي يطارد حلم التأهل إلى نهائيات كأس العالم لسنوات وسنوات، دون أن ينجح في الوصول إلى مراده، واستمر هذا الوضع حتى تصفيات مونديال 1994، عندما فك نحسه أخيرًا، وانضم إلى قائمة المتجهين إلى الأراضي الأمريكية.
قد يظن البعض أن وصول "الأخضر" إلى كأس العالم، بعد كل تلك السنوات، تحقق في ظل حالة من الاستقرار التدريبي، ساهمت في هذا الإنجاز، وهو ما لم يحدث بأي حال، إذ سقط أكثر من مدرب، ضحية في طريق التأهل السعودي للمونديال.
إقالة غير متوقعة.. وصدام مبكر
ورغم تلك النتائج السيئة، والخسارة 5-1 أمام اليونان، كانت التجارب الودية، مفيدة لسولاري، من أجل وضع يديه على نقاط القوة والضعف في المنتخب السعودي، وتحديد طريقة اللعب، واختيار العناصر القادرة على تطبيقها في تلك الفترة القصيرة.
أصحاب الثقة
كان لسولاري لاعبون مفضلون لا يمكنه الاستغناء عنهم في المنتخب السعودي، وضمت تلك القائمة الحارس الشاب محمد الدعيع، والمدافع الصلد أحمد جميل، إلى جانب نجم الوسط سعيد العويران، الذين لعبوا في جميع المباريات التي قاد فيها سولاري الأخضر.
في المقابل كانت هناك أسماء نالت أيضًا ثقة المدرب، وكان يعتمد عليها في غالبية المباريات، أمثال محمد عبد الجواد وفؤاد أنور ومحمد الخليوي وخالد مسعد.
وكان سولاري جريئًا في اختيار بعض المواهب الشابة، لا سيما طلال الجبرين لاعب وسط فريق الرياض، إلى جانب عبد الله سليمان مدافع الأهلي الذي يعد أصغر لاعب سعودي شارك في كأس العالم.
اعتمد سولاري على إستراتيجية الدفاع بتسعة لاعبين خلف الكرة، 4 في خط الظهر، و5 في الوسط، ومهاجم وحيد في المقدمة، مع تطبيق أسلوب الهجمات المرتدة أمام المنتخبات الأقوى في المونديال، وكان قريبًا من انتزاع التعادل مع هولندا في الافتتاح، لولا خطأ محمد الدعيع في الدقيقة 87.
ومن خلال طريقة أكثر توازنًا، نجح سولاري في مساعدة الأخضر على تحقيق انتصاره الأول في كأس العالم، عندما فاز على المغرب 2-1، ليدخل الاختبار الأهم، أمام المنتخب البلجيكي في ختام المجموعة.
تغيير الطريقة
في تلك المباراة، لجأ سولاري إلى اللعب بثنائي في خط الهجوم، ماجد عبد الله، وحمزة إدريس، ولحسن حظه تمكن سعيد العويران من تسجيل رائعته الخالدة عقب مرور 5 دقائق فقط من انطلاقة المباراة، بعد خدعة متقنة من ماجد وحمزة اللذين فتحا دفاع الشياطين الحمر أمام انطلاقة العويران المدهشة، قبل هز شباك ميشيل برودوم.
ونجح أبناء سولاري في قتل الوقت أمام البلجيكيين بالدفاع المحكم وتعطيل اللعب، والسقوط المتكرر على أرضية الملعب، ليظفر المنتخب السعودي بانتصار تاريخي وضعه بدور الـ16، في إنجاز لم يتوقعه أكثر المتفائلين.
خروج من الباب الكبير
وكان بإمكان المنتخب السعودي مواصلة مشواره إلى دور الـ8 من المونديال، إلا أن الفوارق البدنية -كما أكد في ذلك الوقت الظهير الأيسر المخضرم محمد عبد الجواد- حسمت الأمور لصالح السويد في ثمن النهائي بنتيجة 3-1، ليغادر الأخضر البطولة بعد أن نال احترام الجميع.
إلى هنا انتهت قصة سولاري مع الكرة السعودية، حيث قرر المدرب الرحيل عقب المونديال، إلى يوكوهاما مارينوس الياباني، تاركًا أجمل ذكرى في قلوب الجمهور السعودي الذي لا يزال يسترجع كافة تفاصيلها كلما سنحت الفرصة.